الكاتبة ميسون أسدي: الرسام يرسم الكلمات والكاتب يكتب اللوحات
حاورتها: لبنى اسدي
*من خلال كتابتها للأطفال، تحث ميسون أسدي قدرتهم على التفكير واتخاذ القرار وعدم الاستسلام للمسلمات، وتشحنهم بالأحاسيس النبيلة والتضامن مع الآخر المختلف والضعيف، تعكس قصصها مواقفها الإنسانية وفي إيمانها بحقوق الطفل والحيوان. عاشت ميسون أسدي وفيّة لطفولتها التي حملتها معها حتّى في اقترابها من عقدها السادس، ويظهر هذا من خلال التماع عينيها وتمرّدها وضحكتها الطفولية. أبدعت بقصصها من خيال أطفالها والأطفال عامة، وتكتب عن طفولتها، وتصغي لصوت الطفل الذي في داخلها.
حول كتبها وحياتها الشخصية، كان لي معها هذا اللقاء الشيّق:
• كيف يعيش الكاتب حياته اليومية؟
*انا لا أتوقف عن العمل منذ الخامسة صباحًا وحتى العاشرة مساء، وخلال هذه الساعات، اتفرغ للعملية الإبداعية الشاقة وإعطاؤها كل ما تحتاج إليه من وقت ومجهود وعندما أكون في صدد كتابة قصّة قصيرة أو رواية، استيقظ في الخامسة، في الصباح الباكر، أجري عشرة كيلو مترات على شاطئ البحر، بعدها اقرأ قليلا واشرب قهوتي الصباحية. وأعمل لخمس أو ست ساعات في الصباح، معظم اعمالي انتجها في ساعات الصباح الباكر وهي أحبّ اللحظات إلى قلبي وعقلي. حياة الكاتب وهواجسه حول الكتابة ليست بالأمر الهين.
• في فترة الكورونا الكاتبة ميسون أسدي ماذا فعلت؟ هل هناك كتب على النار لم تصدر بعد؟ هل استغليت هذه الفترة للإبداع؟
*حاسوبي مليان وفاض بعشرات القصص القصيرة للكبار والصغار، فعادة أنا اكتب الفكرة واتركها حتّى لا انساها، ثمّ أعود اليها من جديد، ففي فترة الكورونا كتبت قصيدة "يا اهل البلد عموم" عن الكورونا وهي قصيدة رباعية، تتحدث فيها عن انتشار الكورونا في البلدات العربية وخاصة بلدي دير الاسد، فيها من اللوم والتحذير وبصيص من الأمل.. من جهة أخرى أصدرت للأطفال وهم جمهور هدفي الأول، فجمعت لهم في قصيدة الكورونا والدلعونا التي يعشقها جمهورنا بشكل عام وأهل الدير بشكل خاص وهي بلدة الشعراء والمغنين والفنانين. وجاء في القصيدة:
الكورونا صغيرة ما بتنشاف دايرة تضرب بالآلاف
أنا صغير قاعد بالبيت وقالولي لازم تخاف
الكورونا بتمشي حوالينا كيف إجت ما حسّينا
والماما عمّالها تقول: لازم نغسل أيدينا
• في الفترة الأخيرة اصدرت خمسة كتب.. على حسابك الشخصي… ماهي الكتب ولماذا إصدار شخصي؟
*جميع الكتب التي أصدرتها سابقًا، كانت حقوق الطبع محفوظة لدار النشر التي أصدرتها، فأحببت ان يكون لي بضع قصص للأطفال محفوظة لي وخاصة الرواية التي أصدرتها وهي رواية "فيتا"، ثمّ أن دور النشر لا تستقبل الكتاب برحابة صدر لنشر أعمالهم، بل أحيانًا يطالبون الكاتب أن يشارك بتكاليف الطباعة ولا اظن ان أي كتاب يحتر م مهنته يرضى بذلك.
• ما الفرق بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار؟
*الاختلاف هو من حيث المضمون والفكرة التي يعالجها، أدب الأطفال بأسلوبه عليه أن يلائم إدراك الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة حتّى الثالثة عشرة تقريباً، وأسلوب هذا النوع من الأدب يكون سهلا واضحًا وخاليًا من التعقيد ولا يتجاوز مفاهيم الطفل حسب نموه وقدرة استيعابه.
في أدب الكبار لا يوجد شروط مسبّقة بل حرية في الكتابة واسترسال وبلا قيود، أما أدب الأطفال فله شروط تنطوي على التوجيه والبساطة، واهتم ان تحوي القصّة متع وآمال وطموحات وأحلام وردية، ومهم جدًّا حالة الوعي بالمراحل التي يمر بها الأطفال. أدب الأطفال يحتاج إلى أسلوب سهل بسيط، إذا التقى الكاتب مباشرة مع طفولته الكامنة، وعقله الباطن واستطاع أن يحيا تلك الطفولة عن طريق إبداعه القصصي والشعري.
• عندك ما يقارب الـ 50 قصة للأطفال بمن تأثرت من كتّاب الأطفال عالميًا وعربيًا؟
*عربيًّا كامل الكيلاني. الذي كتب وترجم ألف (1000) قصة من الادب العالمي كانت قصته الأولى للأطفال "السندباد البحري" وهو أول مؤسس لمكتبة الأطفال في مصر، ومن قصصه: "مصباح علاء الدين" و"روبنسون كروزو" و"حي بن يقظان" و"نوادر جحا" و"شهرزاد" و"ألف ليلة" وغيرها الكثير.
عالميًّا تأثرت بالكاتبة السويدية استريد ليندجرين كانت مؤلفة وكاتبة سيناريو. ومن كتبها المشهورة "جوارب بيبي الطويلة" و"كارلسون-على-السقف" و"أطفال بولرباي الستة" وتأثّرت أيضا بالكاتبة العبرية ليئا غولدبرغ ، فهي شاعرة، كاتبة للكبار والأطفال، مترجمة وناقدة أدبية.
• هل هناك تعاون بين كتابتك للأطفال والرسام الذي يقوم برسم صوره؟
*الرسام يرسم الكلمات والكاتب يكتب اللوحات وهذا التناغم بينهما هو سر نجاح القصة وأنا اشير للأطفال والطلاب في لقاءتي معهم أن ينتبهوا دائمًا للرسام كما ينتبهون للكاتب فأحداهما يكمل الآخر، ولا تشتروا كتاب إلى بعد فحص الكاتب والرسام وقراءة قسم من النص أو كلّه وبعدها نقرر أن نشتري الكتاب لنقدمه هدية لصديق.
• ما أثر المكان الذي يعيش فيه الكاتب على الكتابة؟
* تنقلت خلال سنوات حياتي في أماكن عمل عديدة من الجليل الى يافا إلى حيفا إلى المثلث والنقب فالقضايا الفلسطينية، القضايا النسوية، القضايا العمالية كان لها حيز في قصصي، عملي خلال35 عام من التجوال في أماكن عدة ترك اثره وفتحت أبواب جديدة أمامي فأنا لست متقوقعة في مكان واحد وسافرت لمعظم بلدان العالم للتعرّف على معالمها وقسم منها التعرف على ادباءها وهذا اثرى قاموسي الادبي.
• عندما لا تكونين كاتبة في اوقات فراغك.. من تكون ميسون اسدي؟
*فلاحة اعمل في حاكورة البيت التي زرعت بها 13 شجرة مثمرة واحواض من الزعتر والشاي الأخضر والشيبة والمرمية وغيرها، وانا ربة بيت تثير الاعجاب من جميع النواحي، ومتطوعة لمجموعة من العجائز في حيفا فالتقي معهم بشكل دائم احادثهم ويحادثوني واسهر على رعايتهم بقدر ما أستطيع.
• هل يوجد هناك كتب ودراسات عن ميسون أسدي؟
*هناك عدة دراسات، منها دراسة من قبل مجمع اللغة العربية في الناصرة، عدة الدراسات في اقسام اللغة العربية في الكليات وفي الجامعات، دراسة في الموسوعة الفلسطينية في البلاد، وموسوعة لبنانية عن اديبات فلسطينيات، وهناك عدة دراسات في الدول العربية حول موضوع كتاباتي، منها ما يدرّس في الجامعات، بالإضافة إلى بعض المواد والقصص التي أدرجت في كتب الأدب العربي في مدارسنا المحلية.
• هل تعتبرين نفسك ناجحة بعيدًا عن الادب؟
*في مجال عملي كعاملة اجتماعية كان لي بصمات خاصة في كل مكان تواجدت به فانا عملت على تأسيس أول فرقة مسرح للمعاقين عقليًا مع زوجي الفنان أسامة مصري، وعرضت مئات العروض في البلاد وحازت على جوائز عدّة، عملت على اصدار نشرة سنوية باللغة العربية للمعاقين عقليا وجميع الأقلام التي كتبت المواد هم أهالي لهم أبناء مع إعاقة عقلية، وأقمت الصالون الادبي في دير الأسد.
* ما هي أمنية ميسون أسدي التي لم تتحقق بعد؟
* العمل على الرفق بالحيوان والطبيعة وعندما نرفق بالحيوان والطبيعة سيكون عندنا رفق بالإنسان.